الاشتراكية

ونعود لنواصل رحلتنا مع كتاب "علم الاجتماع" الذي يمثل حركة التفاف ذكية تخفي نقولا تحت ردائها ليقول ما يريد دون مساءلة.ونمضي مع مقدمة الكتاب الاول ليحاول نقولا أن يفسر لماذا كُتب؟ وكيف كتب؟ وكم الارهاق الذي تكبده فيقول "مع ذلك الجهد في أن استصفي من مباحث كبار الباحثين ونخبة المفكرين، ومما الهمني إليه درسي وتفكيري صفوة النواميس والسنن الاجتماعية وأن انسقها تنسيقا أظنه  أكثر انطباقا مع المنطق من سائر المؤلفات التي طالعتها وأن اتبسط بها تبسيطا لا يعاني القارئ كثيرا في تفهمه وأكثرت من الامثلة والشواهد الشرقية لكي اقرب تلك النواميس والسنن إلى افهام قرائنا ما أمكن. فأصبح الكتاب مطولا في هذا العلم، ويليق بأن يكون مدرسيا إذا استحسن مديرو المدارس تدريسه..إلى أن ظهر كتابا "روح الاجتماع" وسر تطور الأمم" تأليف جوستاف لابون وترجمة المغفور له فتحي زغلول باشا. كان هذا العلم غريبا عن لغتنا العربية علي ما اظن لأني لا اعرف كتابا قبل هذين الكتابين بهذا الموضوع. وكذلك كتاب "الحضارات الأولي" لجوستاف لابون ترجمة محمد صادق افندي رستم قد يعد كتابا اجتماعيا ايضا .. لكن نقولا لا يعتبر مقدمة ابن خلدون بحثا اجتماعيا فهو لم يستخرج من الحقائق العمومية الشاردة هنا وهنالك مبادئ عامة يصح أن تعد سننا أو قواعد لعلم خطير الشأن كعلم الاجتماع بل هو مجرد وصف للاحوال الاجتماعية السياسية في عهده وليست علماً اجتماعيا.ولذلك فإن مؤلفنا هذا وقد جمع الوجوه الرئيسية في فلسفة الاجتماع كما تراها في فهرست الكتابين أول مؤلف مطول باللغة العربية في هذا العلم. فعسي أن يكون خدمة نافعة للآداب العربية وإلا فيكون ممهدا لمن يحسن البحث اكثر او حافزا لمن هو اكثر أهلية لهذا البحث فينبري لها. ثم نأتي إلى مقدمة الكتاب الثاني لنقرأ "وقد علم القراء الكرام أن موضوع الكتاب الأول هو تشريح لحياة الهيئة الاجتماعية، وتحليل لها من الوجهتين المادية والعقلية لكي تتجلي كما هي وكما نراها، ولما كانت الحياة تتغير في درجات نموها، كان لابد من تحليل هذا التغير في الحياة الاجتماعية ايضا لكي يتضح للقارئ كيف تسير الهيئة الاجتماعية في مجري حياتها. فالكتاب الثاني مكمل للكتاب الاول وكلاهما متلازمان تلازم الروح للجسد".. ثم يختتم قائلا "هذا مننتهى ما جاءت به دراستي ومطالعاتي  توخيت به خدمة طلاب العلم الاجتماعي في لغتنا،  وإلا فأسأل الله أن يلهم من هو أكثر أهلية لهذا العمل ليقوم بهذه الخدمة الوطنية".