القرين

بطل الرواية موظفٌ في إدارةٍ في مدينة بطرسبورغ، واسمه ياكوف بتروفيتش غوليادكين، يواجه مشاكل نفسية، فيستشير طبيباً نفسياً. يخاف الطبيب على أن يُجنَّ، ويُخبره أن نفوره من حياته الاجتماعية هو تصرُّف خطير جداً، ويقترح عليه أن يُمضي مزيداً من الوقت مع رفقائه. يعقد غوليادكين العزم على أن يذهب إلى حفلة ميلاد ابنة مدير مكتبه، وبعد سلسلةٍ من المواقف الاجتماعية الفاشلة، يخرج غوليادكين من الحفلة ويعود أدراجه إلى بيته، وفي الطريق وخلال عاصفة ثلجية يلتقي غوليادكين بقرينه أوَّل مرة، فتنقلب حياته رأساً على عقبٍ. غير أن هذا الشبه كان في الخَلق فقط، أمَّا في الخُلق فهو يخالفه تمام الاختلاف. يشرع القرين يكيد للسيِّد غوليادكين، ويحتل شيئاً فشيئاً مكانته في العمل والمنزل، إلى أن يدفع بحياته إلى الانهيار التام. وبقيَّة الرواية تتمحور حول العلاقة بين القرينين، في البداية كانت العلاقة بينهما علاقة صداقةٍ ودودةٍ، ولكنَّ غوليادكين الأصغر يستمرُّ في التدخُّل في شؤون قرينه الأكبر في محاولة للسيطرة على حياته، وهكذا تتدهور العلاقة بينهما ويصيران عدوين لدودين. وبسبب مهارة غوليادكين الأصغر الاجتماعية وقوُّة شخصيته يصير محبوباً بين زملائه، على عكس السيد غوليادكين، وفي نهاية الرواية يبدأ السيد غوليادكين في رؤية مزيد من النسخ المطابقة له في الشكل، ويصاب بخلل ذهني نفسي، وفي آخر الرواية يُلقَى في مصحَّة نفسية تحت رعاية طبيبه السابق. الرواية تصوير للصراع الداخليّ الَّذي يعتمل في نفس السيِّد غوليادكين، ولعلّ أهم ما أثّر فيه وأثار دهشته أن الناس من حوله، وعلى رأسهم رئيسه في العمل وخادمه بتروشكا، لم يبدُ عليهم العجب من ظهور القرين، ونظروا إليه على أنه مجرد رجل يشبهه، فعاملوه على هذا الأساس. إن اعتماد دوستويفسكي على تقنية الحوار الداخلي اعتماداً مكّنه من سبر أغوار شخصية بطله، وأن يتغلغل في نفسيته الَّتي غيّرها دخول هذا القرين، مكرّساً بذلك نبوغه في تحليل النفس الإنسانية، إذْ قال فيه نيتشه: «إن دوستويفسكي هو الكاتب الوحيد الَّذي تعلمتُ منه شيئاً من علم النفس». ومع أن هذه الرواية ليست من أشهر أعمال دوستويفكسي، غير أنها تُعدُّ الحجر الأساس في أسلوبه المتفرّد، حتَّى أن فلاديمير نابوكوف قال إنها: «هي أعظم كتاب كتبه دوستويفكسي».