حكاية القارئ

ينطلق الباحث الدكتور نضال الصالح في كتابه “حكاية القارئ” دراسات في القصة السورية من فكرة أن القارئ والناقد هما قاص ثان للحكاية.ويبدأ الصالح كتابه بالقاص صباح محي الدين الذي أسهم بالتأسيس لكتابة سردية لها ملامحها الخاصة بها مميزاً في تجربته فضاءات شكلتها أسئلة القص وهي فضاء الآخر الذي يمثل المفارقة بين البطل ومعارفه وعاداته وتقاليده والآخر الأوروبي وتقاليده الغربية ورصد محي الدين للمجتمع الريفي والتفاوت بين الفلاح والاقطاع وبين المثقف والجاهل ثم الفضاء القومي المتمثل بالموقف من القضية الفلسطينية والفضاء الرمزي الفلسفي الإنساني.وينتقل الباحث بعد ذلك إلى قاص آخر كانت له علامته المميزة في التأسيس للقصة السورية وهو محمد حموية الذي قدم نماذج إنسانية تكاد تكون استثنائية ضئيلة اجتماعيا سامية أخلاقيا ومترفة بقيم الخير والحق والجمال إضافة إلى شعرية النص وأنسنة الأشياء والحلم المرتبط بالنبوءة.ويخوض الباحث في تجربة وليد اخلاصي القصصية كصوت مغاير في جوقة القصة السورية في القرن العشرين بسبب خروجه عن قواعد القص المتبعة آنذاك وتفرده بأسلوب مميز يعتمد البث غير المباشر لمقاصد النص وتداخل الأجناس الأدبية لديه من حيث لغة القصة الشعرية وتعدد ضمائر الخطاب السردي.ويمر الباحث على تجربة حسن يوسف القصصية مشيراً إلى انتمائه للجغرافيا الاجتماعية في الساحل السوري وتعريفه بمفرداتها ومكوناتها وتفاصيلها من أغنيات جريحة عن بشر معذبين وانحياز القاص إلى الطبقة الفقيرة والوعي الاجتماعي وشخوص اتسمت بالذكاء الفطري والطرافة رغم فقرها إضافة إلى البعدين الوطني والقومي.ويبحث الصالح في منجز حيدر حيدر القصصي كعلامة بارزة في التجربة القصصية السورية وما يميزها كشعرية القص وكسر الحدود الفاصلة بين جنسي الكتابة القصة والشعر وترف الجملة القصصية عنده وإبداعه نسقا وثيق الصلة بالمنطوق الشعبي إضافة إلى اقتصاده اللغوي اللافت للنظر.ويتناول الصالح في الفصل الثاني من الكتاب الصادر عن دار التكوين السمات المميزة لتجربة القص السورية خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات والتي يمكن ايجازها بظاهرة التجريب واستلهام الموروث واعتماد الكناية والاستعارة وشاعرية النص ثم يمر الباحث على ما سمي القصة القصيرة جداً ومن اثرى هذه التجربة.كما يمر الباحث على نماذج من قص التسعينيات ك “عيون في الخريف” لهزوان الوز و”ترانيم بلا ايقاع” لرباب إبراهيم هلال.