محاولة للخروج من اللون الابيض: أوراق سياسية

يصف علماء الكيمياء، بأن اللون الأبيض ليس (لوناً)...! ويقول آخرون أن اللون الأبيض، لا يقول شيئاً، فهو رمز الضعف، والحياد، والسكون، وهو رمز الموت أيضاً..!واللون الأبيض لون غير فاعل، ليس كالأزرق، أو الأخضر، أو الأحمر، أو الأصفر..! وهو لون أيضاً لم يأت نتيجة لفعل..!لذا، كانت دعوتنا في هذا الكتاب، هي محاولة الخروج من هذا اللون إلى ألوان الأخرى.. ألوان الفعل الحياتي العربي، التي تضيف إلى الحياة العربية أبعادها الإنسانية الجديدة.لقد جاءت هذه الأوراق الملونة من السودان، والخليج، ولبنان، ومن أنحاء أخرى من العالم العربي، لكي تشترك كلها في محاولة الخروج من (البئر المهجورة)..!كذلك جاءت أوراق أخرى من العالم العربي بألوان مختلفة، لكي تشترك كلها في محاولتنا للخروج من اللون الأبيض، وحياديته، وسكونه، ولا فعله، وصمته القاتل..!فبعد أكثر من ربع قرب، يمسك الشعب العربي في السودان ورقته السياسية التي ظلت بيضاء طوال حكم "نميري" مدة ستة عشر عاماً لكي يلونها من جديد، كما لونها من قبل في عام 1956، عندما نال الاستقلال، وطرد المستعمرين من أراضيه.. والتلوين السوداني يأتي اليوم في أكثر ظروف السودان والعالم العربي صعوبة، ودقة، وحرجاً. ومن هنا يجب أن يكون الرسامون الذين يضعون "اسكتشات" لوحة السودان الجديد، على وعي تام بما يدور بالمنطقة العربية.. لذا فقد كانت أوراق السودان في هذا الكتاب أوراقاً ملونة تلويناً يناسب اللوحة السودانية المطلوبة..!وعلى ضفات الخليج العربي، يقوم هناك (مرسم) سياسي دائم، منذ أربع سنوات، وربما يستمر هذا (المرسم) إلى سنوات طويلة قادمة، إلى أن تستكمل أول لوحة وحدوية سياسية، في التاريخ العربي الحديث..لذا فقد كان سلامنا للخليج سلاماً حتى مشرق الوحدة..! تلك اللوحة التي فشلنا-كعرب عدة مرات في إتمامها.. فجاءت أوراق هذا الكتاب السياسية الملونة، مقدمة للوحدة العربية الخليجية، التي تسوى على نار هادئة، كما سويت كل تجارب الوحدة القومية الشاملة في التاريخ..!ولقد كان بين الأوراق الملونة المقدمة للخليج الكثير من الأرقام، والكثير من الحقائق العلمية والتاريخية، ذلك أن لوحة الوحدة الخليجية ليست ألواناً وأطيافاً فقط، بل هي أيضاً أرقاماً وحقائق ثابتة.أما المجموعة الأخيرة من هذه الأوراق السياسية الملونة، فقد كانت موجهة للشعب اللبناني المقاوم في الجنوب اللبناني، كما أنها موجهة للمقاومة العربية الشاملة، التي اشتركت مع الشعب اللبناني في طرد إسرائيل من لبنان..وقد دخل الشعب العربي من خلال هذه المقاومة طور علاج عدوه (إسرائيل) بالكي، وليس علاجه بالشعوذة، كما كان يفعل منذ ثمانية وثلاثين عاماً..لقد ولدت المقاومة اللبنانية من (رحم اليأس) العربي.. هذا (اليأس) الذي كان على مدار التاريخ الإنساني كله مصدراً للعمل العظيم، والفعل العظيم.والعلاج بالكي (المقاومة المسلحة) هو الذي يوصف طبياً بأنه علاج (شعبي) لأمراض كثيرة مستعصية، يعجز الأطباء المحترفون والعصريون عن علاجها بعلمهم التقليدي، وأدويتهم الكيمائية المعقدة..!إن العالم العربي من محيطة إلى خليجه بحاجة إلى أطنان من الألوان والأوراق الملونة كل يوم، وذلك لكي يستطيع في النهاية أن يشكل لوحته المطلوبة.