الثأر للوطن

جون شتينبك" أحد الرومانسيين المعروفين في القرن العشرين. تناول بطريقة حادة البعد المأساوي للحركات الاقتصادية العظيمة للعصر، واهتم بوصف مصير الضحايا والمنتفعين والعمال البسطاء التي تهدمت حياتهم بسبب أزمات السوق. إن كتاب "شتينبك" يطرح دائماً حرية الفرد كقيمة أساسية. ولقد تمكن هذا الكاتب من اتخاذ نبرة متحفظة في وصف آلام حياة هؤلاء البسطاء مثلما فعل في رواية "ابتسامات وبشر وعناقيد الغضب". حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1962.ولد "جون شتينبك" في عام 1902م في مدينة "سالينماس" بـ"كاليفورنيا". عاشت أسرته –من أصل ألماني- حياة متواضعة. بدأ دراسته للبيولوجيا البحرية بجامعة "استانفورد"، ولم ينته منها مطلقا. وحينذاك بدأ كتابة نصوص صحفية، وغادر "كاليفورنيا" إلى "نيويورك" حيث عمل صحفيا. عاد إلى كاليفورنيا" في 1926 ليتخصص في مهنة الكتابة، وكانت أول رواية له هي "كأس من الذهب" في 1929م، ومع الرواية الرابعة له بدأ صيته ينتشر، وكان النجاح على موعد معه مع رواية "الوادي الطويل" في عام 1938 م، وتوالت أعماله بعد ذلك، وكتب عدة سيناريوهات لبعض الأفلام ما بين 1943 و955م.وكان مضمون رواية "الثأر للوطن" لـ"جون شتينبك" يدور حول مدينة اسكندنافية صغيرة تقاوم الغازي الألماني في أثناء الحرب العالمية الثانية لأن الحلفاء لم يتمكنوا من الوصول إلى هذه القرية النائية. لكن عندما غادر الجيش الألماني تحول الموقف فجأة، وانقسمت إلى ثلاثة معسكرات: المتعاونون مع العدو النازي الجديد، والجنود الألمان الذين استولوا على المدينة، والأهالي الذين يقاومون بطريقة شبه سلبية. من خلال هذه المعركة الطويلة التي سيطر عليها الضرر والخوف تميزت ثلاث شخصيات: عمدة المدينة الذي يسعى لإنقاذها، والمتعاونون مع الاحتلال، والكولونيل النازي. تتم متابعة هذه المدينة وسكانها من خلال عيون هؤلاء الثلاثة. لن تنته الرواية مع السلام، ولكن يُعرف منها ما يكفي لاستخلاص الدروس المفيدة.لقد كتبت هذه الرواية في عام 1942م، وكان لدى المؤلف رؤية موضوعية جداً عن أحداث هذه الفترة. لقد ارتأى أنه لا يوجد مذنبون أو ضحايا. إن الجميع سواء أكان الكولونيل أم المتعاون مع الاحتلال أم المقاوم ضحايا الحكم الشمولي لـ"هتلر". فالجنود يبكون للكراهية التي يضمرها الشعب لهم، والمتعاونمع الاحتلال ملفوظ من قبل مدينته والمقاوم؛ لأن الجميع يعاني ويلات الحرب. إن الشخصيات محاصرة جيداً والأحداث مفهومة تماما من قبل المؤلف.