الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة

يعتبر کتاب " الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة" لأبي الحسن علي بن بسام الشنتريني (نسبة إلى شنترين بالبرتغال) من أهم مصادر تاريخ الجزيرة الأندلسية، وتاريخ أدبائها وشعرائها، وقد أتم ابنبسام كتاب الذخيرة بمدينة قرطبة بعد أن أوي إليها شريدة مهيضة، وللعنوان الذي اتخذه لكتابه مغزی واضح. ويصارحنا ابن بسام في مقدمته بالدافع النفسي الذي دفعه إلى تصنيف كتابه، وهوأنه رأی انصراف أهل عصره وقطره إلى أدب المشرق والتزود منه والإعجاب به، وإهمال أدب بلدهم، فأراد بوضع "الذخيرة" وجميع ما تضمنته من رائق المنثور والمنظوم، أن يبصر أهل الأندلسيبتفوق أدبائهم وروعة إنتاجهم، وأن الإحساس ليس مقصورة على أهل المشرق. ومن الواضح أيضا أن ابن بسام أراد أن يعارض بكتابه في محاسن أهل الجزيرة، أي جزيرة الأندلس، أديب المشرقالكبير أبي منصور الثعالبي صاحب "يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر" فالذخيرة واليتيمة صنوان، يدعو كل منها إلى تذوق محاسن آداب قطره وعصره.ويشتمل الكتاب وفقا لتصنيف مؤلفه على أربعة أقسام: القسم الأول: لأهل حضرة قرطبة وما يصاقبها من بلاد متوسطة الأندلس، ويشتمل من الأخبار وأسماء الرؤساء وأعيان الكتاب والشعراءعلى جماعة" والقسم الثاني: الذكر الأعيان والمشاهير أرباب صناعة المنظوم والمنثور بحضرة اشبيلية ونواحيها، وما يصاقبها ويدانيها من بلاد ساحل البحر المحيط الروحي، وهو الجانب الغربيمن جزيرة الأندلس". والقسم الثالث: الذكر الجانب الشرقي من جزيرة الأندلس وقسميه من نجم في افقه من كواكب العصر في أفق ذلك الثغر الأعلى". والقسم الرابع: يختص بمن طرا على هذهالجزيرة في المدة المؤرخة من أديب شاعر، وأوي إلى ظلها من كاتب ماهر، وذكر طائفة من مشهوري أهل تلك الآفاق، ممن نجم في عصرنا بأفريقية والشام والعراق.وكتاب "الذخيرة" فضلا عن كونه موسوعة أدبية أندلسية جليلة، هو مرجع تاريخي هام لعصر الطوائف وملوكه ورجالاته وخواصه السياسية والاجتماعية، وهو بما ينقله إلينا من فصول وشذورعديدة عن ابن حیان عمید نورخي الأندلسي وغيره، ضاع الكثير منها اليوم، يعتبر وثيقة تاريخية نفسه. ويقدم إلينا ابن بسام شخصياته ما بین خلفاء وأمراء ووزراء وكتاب وشعراء بطريقةخاصة، تقدم أولا على ذكر ما اتصفوا به من الصفات الأدبية، وثانية على تقديم ما أمكن من آثارهم من مختار المنثور والمنظوم، ومن هؤلاء بالطبع كثير من رجالات الطوائف الذين عاصرهم ابنبسام أو عاش قريبة من عصرهم. وجاء الكتاب في طبيعته هذه محققا خالية من السقطات والأخطاء قدر الإمكان، وقد شمل هوامش راعي فيها المحقق تفسير غريب الألفاظ، وترجمة أهم الأعلامالواردة أسماءهم في النص.