الغيرية وتحولات الفكر الفلسفي المعاصر

يعـد مبحث الغيريـة مـن أهـم مباحث الفلسفة منذ عهودها الأولى و لا يزال محـور جـدال بين الفلاسفة إلى حـد اليـوم. و يمكن القول أن الفكر المعاصـر قـد أعـاد طـرح هـذه المسألة بأكثـر حـذة ذلك أن الحديـث عـن الآخـر وعلاقتـه بالـذات يمثـل اليـوم الشـاغل الأهـم لجـل الفلاسفة المعاصرين. كانت علاقة الفلسفة بالغيريـة علاقة ملتبسـة دومـا ويبدو أن الفلاسفة، من أفلاطـون إلى ديكارت لم يبحثوا في الغيرية إلا لإقصائها و هو ما يؤكد أن القـول في الغيرية نديهـم هـو أمر مقلق. ولكـن فلاسفة القرون الحديثة بـدءا مـن ديكارت فكروا في هاد السال، همان تخم مريح ومطمئـن واعتبروهـا أمـرا هاما فأدمجوهـا كلحظة هامة مـن الوجـود و المعرفة، اختبر ديكارت الجسـد جـوهـرا مـمتـذا لا مجـرد وجـود معرقل و اعتبر كانـط عـالم الظواهـر منطلقـا لـكـل معرفـة واعتبر هيجـل الأخـر لحظـة ضـروريـة للاعتراف بالذات. أما الفلاسفة المعاصرون فقـد اسـتعادوا اعتبار الحداثيين لمسألة الغيرية و لم يعتبروهـا مجـرد لحظة هامة في سيرورة المعرفة أو الوعي، بـل فـكـروا فيهـا عـلى نـحـو يجعلهـا هـي الحـدث الأبرز للوجـود و المعرفة، فأحدثوا بذلك - ربا جديدا من العلاقة مع المختلف والأخـر والمخالف و أحدثـوا قطيعة مع نمط التفكير القديم الميتافيزيقـي وحـاول كل واحـد نـقـده وتدميره بطريقته.طـرح اليونان إشكال الغيرية لتحديد دلالة اللأوجـوده، و فكـر المحـدثـون مـن أمثـال هيجـل في هذه المسألة مـن خـلال جدلية الصراع و الاعتراف، أما المعاصرون فقـد انتبهـوا إلى ضرورة الاعتراف بالغيريـة و النظـر في مـألة الأخـر كـأخـر، أعنـي انطلاقـا مـن الإقـرار بالغيرية بوصفها «اختلافاء في ذاتـه واقـعـا مستقلا عن كل خطاب. فنشـا مفهـوم العيـش معاء ومفهـوم «البينذاتية، و الوجـود مـن أجـل الأخـر» و«التضامن، و هـي كلهـا أشـكـال مـن القدرة على قبول الآخـر و تحمله كغير أو كتفايـر يـمكـن أن يكـون داخـل الأنـا ذاتـه بـمـا هـو انفعال وتعاطـف جـذري مكـون لـ «طبيعته أو لنقـل لإنسانيته. و لذلك نحن نقترح أن نبحـث في هـذا القول الفلفي في الغيرية و المتأصل في الخطاب الفلسفي ذاته غير أننـا سـوف لـن نهتم كثيرا بالخطاب التقليدي نظـرا لكـون المنزلة المتميزة لهذه المسألة كانت مع الفلـفة المعاصرة بعـد أن أنــــــــتها الفلفة الحديثة. سنفحص معنـى الغير الذي انقلب إلى ضرب من الفضاء الداخلي الذي تتمد منـه كل هوية مناعتها الخاصة.