اليقين

هذا الكتاب هو بمثابة دليل مصور وذو محتوى مكثف عن الشخصيات ذات العقليات المتحجرة, في الماضي والحاضر ....نسمع في بعض الأحيان أشخاصاً يجادلون في نقاشاتهم مع المحيطين بهم حول هذا الموضوع أو ذاك: "أنا أحسدك على يقينك". يفترض المرء أن أصول هذا التعبير يجب أن تكون ساخرة أو حتى لمجرد تهكم, ولكن هناك أيضًا بشكل مؤثر إلى حد ما من يستخدمها بمعناها الحرفي وكتملق. وهناك أيضًا من سيحاولون قلب الطاولة بالقول إن عدم الإيمان هو في حد ذاته شكل من أشكال الأصولية. (أصبح هذا مؤخرًا خدعة نقاش رخيصة مفضلة لليمين الديني). بالطبع, كتعريف لا يمكن تصنيف عدم الإيمان على أنه عقيدة ومن المثير للاهتمام التكهن بدرجة الكراهية الذاتية اللاشعورية التي قد توجد لدى الشخص المتدين الذي يسخر من "ملحد" بأنه ليس أفضل من "مؤمن"! .في حين أن الشخص المؤمن يجب أن يعي ليس فقط أن هناك إلهًا ولكن أن يتمكن من التوفيق بين رغبات هذا الإله ورغباته. يمكن القول بثقة على سبيل المثال, أن هذا الإله يكره لحم الخنزير والبطلينوس ويحدد الاتصال الجنسي بشكل مختلف بينما تظهر مجموعات المثليين جنسياً (الذين هم بطريقة ما "ضد الطبيعة"). بعبارة أخرى, كلما قلّت الأدلة التي نمتلكها كلما تأكدنا تمامًا من أننا يجب بأنفسنا أن نكون أكثر يقيناً. لا يُحسد أحد على هذا النوع من الإيمان بأي حال من الأحوال, وأولئك الذين ظلوا لسنوات يستمتعون برسوم إدوارد سوريل الاستعراضية النسخة الحديثة من "الدين في الأخبار" سيعرفون ما يمكن استخلاصه من السخافة والأسوأ من السذاجة. (تعني كلمة Credulousحرفياً "الشخص الذي يبحث بشغف عن اليقين") والكثير من هذا. إن الكتب التي تحقق أعلى مبيعات بشكل رئيسي هي بالضرورة من النوع "القائم على الإيمان", وعندما تواجه ادعاءات مثل هؤلاء الحمقى والمارقين, فمن الحكمة دائمًا أن تضع في اعتبارك رأي ديفيد هيوم حول المعجزات. عند مواجهة معجزة لا لبس فيها فإن تعليق الفيلسوف الاسكتلندي العظيم كان: من الحكمة أن تسأل نفسك أي من هذين الاحتمالين هو الأرجح: هل تم تعليق قواعد الطبيعة أو أنك فوتّ على نفسك شيئاً ووقعت في فخ سوء الفهم. الشك, في مثل هذه الحالة, هو أفضل صديق للعقل. على النقيض من ذلك, فإن اليقين يخون الرغبة في أن تكون متمرداً. إن حالة إيمان السير آرثر كونان دويل الذي لا يتزعزع في الجنيات ليست مثالاً على وجه التحديد على التلاعب الديني, ولكنها تُظهر أن أنواعًا معينة من المعتقدات هي دليل على عدم وجود دليل. كانت القضية الفعلية أكثر غرابة حتى من أن يحظى آدم بيغلي بمجال ليشرحها, حتى الأشخاص الجيدون في كوداك أعلنوا أنهم توصلوا الى سر خدعة الغرفة المظلمة الواضحة بشكل مثير للشفقة. إن أكثر الأوهام والتهيؤات المؤسفة لها وسيلة للانتشار بطريقة ما, للأسف بالنسبة للإنسانية التي تعاني, لا يمكن لها الحصول على لحظات من الوضوح لاكتشافها. دعونا ننظر ملياً الى فئة المخدوعين. قد تكون هناك حشود ممن أسماهم إتش إل مينكين "الأثداء", والذين سيقفون في طابور لشراء المياه الطبية الملونة ويتدلى فك كل واحد منهم أمام ظهورات العذراء. لكن وليام بتلر ييتس العظيم لم يكن أبدًا أكثر سعادة مما كان عليه في جلسات تحضير الأرواح التي تميزت بالروحانيات وبضجيج (وخربشات) تأتي من الخارج. كان هنري فورد المتشدد بمثابة هدف سهل للغاية لتلك الخدعة غير المعقولة "بروتوكولات حكماء صهيون المتعلمين", ولم يقع في غرامها فحسب, بل استثمر جزءًا كبيرًا من رأس المال الثمين في محاولة جعل الآخرين يصبحون مؤمنين حقيقيين أيضًا. بالمناسبة, تهانينا لبيغلي على حصوله على هذا الحق ومقدرته على وصف البروتوكولات بأنها "خدعة" حيث غالبًا ما يشار إليها على أنها "تزوير" في حين أن التزوير هو نسخة من شيء أصيل وليس مجرد تلفيق. عندما تنتهي من مسح ديفيد هيوم حول المعجزات, قد ترغب في الاطلاع على أعمال ريتشارد هوفستاتر عن أسلوب جنون العظمة في السياسة الأمريكية. ستجد هنا أفضل تعريف لجنون العظمة قرأته حتى الآن: رجل "لديه بالفعل كل المعلومات التي يحتاجها." مرة أخرى في هذه الصفحات سوف تضع في اعتبارك هذه الظاهرة, ومرة ​​أخرى ستجد الكثير من علم الأمراض "على أساس الدين". هل كان على إيليا محمد أن يثبت أن كل شيطان أبيض ذو عيون زرقاء يمتلك بالفعل عيوناً زرقاء؟ ليس فعلاً لو لم يكن من الأفضل اعتبارها استعارة. لكن هل سيعيد النظر في النظرية العامة الشاملة القائلة بأن كل أبيض أياً يكن لون عينيه هو تجسيد للشيطان؟ أبداً ! أحياناً يمكن ملاحظة شيء من نفس التأثير بالتوازي مع مفهوم "العصمة". ويعني هذا أن الناتج الثانوي الأعلى لليقين قد يكون من الصعب جدًا معه تصحيح الخطأ. في حياتي الخاصة, رأيت سلسلة من الباباوات يقدمون اعتذارات علنية لليهود (عن التهمة الزائفة بـ "القتل" وعواقبه), للبروتستانت (من أجل مكافحة الإصلاح), إلى غاليليو, لتحرير أمريكا الجنوبية بالقوة والإبادة. الى الهنود والمسيحيين الأرثوذكس الشرقيين (للمجازر في البلقان) والمسلمين (للحروب الصليبية السبع). ولكن بعد أن قام بهذا المسار الصغير من التصحيحات, التي ربما لا مفر منها في حياة "كنيسة واحدة حقيقية" فإن الفاتيكان مستعد الآن للعودة إلى كونه معصومًا من الخطأ مرة أخرى. لذلك في يوم من الأيام إذا - أفترض فقط - اكتشف أن الإيدز كان بلاءً أسوأ من الواقي الذكري وليس العكس, فإن القبول الضروري يجب أن يتأخر لسنوات بسبب حقيقة أن وجوده كان ذات يوم عقيدة مقدسة.لا أحد يحب التردد. تتم ممارسة القيادة العسكرية والسياسية على أفضل وجه من قبل الأشخاص الذين يمكنهم اتخاذ قرار والالتزام به, بدلاً من (كما قيل ذات مرة عن اللورد ديربي) "تحمل انطباع الشخص الذي جلس على الكرسي آخر مرة." قد يصبح القائد الحازم الذي لا يستمع إلى شكوك الآخرين بالإضافة إلى شكوكه مشهورًا لأسباب أخرى. من جورج أرمسترونج كستر إلى الجنرالات البريطانيين الذين اعتلت رؤوسهم تيجان خشب الساج على الجبهة الغربية, لدينا أمثلة كثيرة عن أولئك الذين ظلوا يكررون نفس فعلهم القديم ويأملون في كل مرة الحصول على نتيجة مختلفة. يتوافق هذا مع تعريف جورج سانتايانا للتعصب, وهو "مضاعفة جهودك عندما تنسى أهدافك". يأتي العزاء الرائع فقط بمعرفة أنك كنت على حق طوال الوقت يمكن لهذا أن ينجو بك خلال محنة كهذه. إذا لم يكن الأمر كذلك, فلن تكون هناك صناعة مذكرات ولا فرصة لكتابة "الجزء الثاني" حيث يمكن فيه جر الأمثلة العفنة مثل "نيكسون الجديد" إلى الرمال الملطخة بالدماء بالفعل على المسرح. لدي بعض الخلافات مع المؤلفين هنا. (ما الأرجح, أن يقول صدام حسين الذي استخدم وأخفى أسلحة الدمار الشامل على حدٍ سواء هل سيقول الحقيقة لو لمرة واحدة فقط, أو هل سيخفي مرة أخرى ما فعلت يداه؟) فعلياً أعتقد أن نفس المعيار يجب أن يطبق على الجميع, بمن فيهم أنا. ربما في يوم من الأيام, ربما ستظهر العذراء مريم بثوب أزرق أمام الكاميرا بصورة واضحة أمام حشد كبير من الراشدين من غير الكاثوليك, وستتحدث بكلمات لا لبس فيها. في ذلك اليوم إذا كنت حاضرًا فسأميل إلى الاعتقاد بأنني أعاني من هلوسة فردية أو جماعية. في الواقع بشكل عام سأكون متأكدًا تمامًا من ذلك."أن تكون على حق أو أن تكون مخطئًا.يجب على المرء قولها بأعلى صوت." - أمبروز بيرس "الإدانات، أكثر خطراً على الحقيقة من الكذب." - فريدريتش نيتزشي "الشك ليس حالة ممتعة, لكن اليقين أمر سخيف. "-فولتير