إخفاء
  • سلة الشراء فارغة !

تأملات في السياسة والمرأة والكتابة

    السعر
  • 43.00 SAR

السعر بدون ضريبة : 37.39 SAR
في الإبداع والتمرد: تأملات نوال السعدواي في السياسة والمرأة والكتابةكتب : أشرف راضيعندما تكتب شخصية مثيرة للجدل مثل نوال السعدواي تأملاتها في السياسة والمرأة والكتابة بعد أن تجاوزت الثمانين بخمسة أعوام، فإننا نكون أمام شهادة مناضلة نذرت حياتها لقضية المرأة على عصور كاملة وفي أي مكان. ولا تقف هذه الشهادة عند حدود وطنها مصر وإنما تتعداها إلى العالم.من هنا تكمن أهمية كتاب " تأملات في السياسة والمرأة والكتابة" الواقع في 163 صفحة من القطع المتوسط، والذي صدر مؤخراُ عن دار ابن رشد بالقاهرة. ففي الكتاب خلاصة خبرات قدمتها السعدواي للقراء عبر عشرات الكتب والمقالات خلال مسيرتها العملية الممتدة لأكثر من 60 عاماً والحافلة بالأحداث على المستوى الشخصي والعام.في هذا الكتاب لم تترك الكاتبة قضية أو واقعة إلا وتناولتها بالنقاش والتحليل النقدي الذي لا يعرف حدوداً، على نحو يجعل من الصعب تقديم عرض وافٍ له. ويزيد من هذه الصعوبة الطريقة التي اختارتها الكاتبة لتقديم تأملاتها النقدية فلم يكن الكتاب مبوباً تحت فصول وعناوين، مثل ما هو متعارف عليه في عالم النشر. واختارت السعداوي هذه الطريقة عن عمد كي تحفظ للكتابة تدفقها وكي تحفظ للأفكار حيويتها، على نحو ما قالت للناشر.وعلى الرغم من أن الكتاب اعتمد على خبرات الكاتبة المتنوعة كطبيبة وأديبة وكاتبة ومثقفة مهمومة بقضية المرأة وتحررها في إطار انشغالها بقضية الحرية والتحرر لجميع البشر، إلا أن انطباعاتها الأولى من مرحلة الطفولة تظل هي المرشد لها فيما طرحته من أفكار. ولخصت الكاتبة رؤيتها هذه في آخر جزأين في الكتابة اللذين جاءا تحت عنوان "بالذكاء الفطري يكشف الأطفال "التناقض" فيما يقوله الكبار،" و"كان للأطفال كرامة العظماء".وفي الكتاب الذي كتب معظمه في عام 2014، اختارت السعدواي أن تقول رأيها في كل شيء في مصر وفي العالم. وتقول في بداية سرد تأملاتها "لم أتصور أنني سأعيش لأشهد العام الجديد 2015،" وكأنها أرادت أن يكون الكتاب شبه سيرة ذاتية. وتلخص الملامح الأولى لشخصيتها التي تبلورت منذ أن تعلمت المشي قائلة "الاستقلال والاستغناء هو أول خطوة نحو التحرر."في الكتابة والإبداعتحتل الكتابة مكانة مركزية في شخصية السعدواي منذ أن اكتشفت أمها امتلاكها لهذه الموهبة بعد أن اطلعت مصادفة على مذكرات دونتها الكاتبة عندما كانت طفلة في بداية سنوات الدراسة. و أصبحت الكتابة حياة بالنسبة لها منذ أن اكتشفت وهي طفلة صغيرة أن الكتابة كوسيلة لكسر الصمت والقهر المفروضين عليها من المجتمع. وتضيف "يعيش أغلب الناس دون حاجة إلى الكتابة فلماذا أشعر بالموت إذا لم أكتب.".وتقول "لا شيء يكسر سجن الجسد إلا الكتابة." لكن هذه الكتابة جعلت الطفلة "تميل للصمت والعزلة، خوفاً من أي يقرأ الناس ما يدور بينها وبين نفسها في الخفاء." هي التي نشأت، كما تقول عن مسقط رأسها، "في مجتمع بقدس السلطة الحاكمة في السماء والأرض."وتربط السعداوي مصيرها ككاتبة بوضع المرأة في مجتمعها فتقول "تظل الكاتبة عمياء، لا ترى قيمتها مهما نالت من جوائز أدبية وشهرة عالمية... تظل متشككة في تفوقها ونبوغها. فالواقع اليومي لحياة الغالبية العظمى للنساء في بلادها والعالم يؤكد لها دونية وضع المرأة وتزايد دونية الأنثى واحتقارها والاعتداء عليها مع تصاعد القوى الأصولية الدينية الذكورية المدعمة بالنظام الرأسمالي الأبوي.وتنتقل للحديث عن أزمة الكاتبة وتقول "ليس للكاتبة قدرة على معرفة تاريخ الكاتبات النساء السابقات عليها" فالتاريخ يكتبه المنتصرون وأغلبهم من الذكور. وليس عند الكاتبة إلا "صورة جزئية مشوشة عن كتاباتها منفصلة أو مبتورة عن التاريخ الأدبي. فهي محرومة من النقد الأدبي الموضوعي النزيه المستقل عن النظام الحاكم الطبقي الأبوي." فالمرأة مضطرة للخضوع "للرقيب الذكوري داخلها وخارجها" لتشطب وتعدل بعض ما كتبت لترضي القيم والتقاليد أو على الأقل لتفادي اللوم والعقاب لتتراجع وتستسلم لغواية الأنوثة والحب والزواج والأمومة.وتعترف السعداوي على ما يبدو بأن الرواية النسائية التي حلمت بكتابتها لم تكتب بعد، فكتبت في صفحة 13 "نعم. فشلت (الكاتبة) في أن تكتب الرواية التي تعيش في أعماقها منذ الطفولة" الأمر الذي يفسد فرحتها، ولا تجد السلوى في رسائل القراء والقارئات ولا في كلمات المعجبين والمعجبات عن الأثر الذي أحدثته كتاباتها.وانشغالها بالكتابة دفعها للانشغال بقضية الإبداع وكيف يحدث؟وهو سؤال حيَّر الفلاسفة فراحت تبحث عنه فيما يشبه سيرتها الذاتية المختصرة التي كشفت خلالها عن أسماء ربما كانت مجهولة في تاريخ الكتابة النسائية في مصر، مثل الكاتبة المصرية الرائدة زينب فواز التي توفيت عام 1914 وسبقت قاسم أمين في الكتابة عن تحرير المرأة التي لم تنل شهرة قاسم أمين الذي اعتبر الرائد الأول لتحرير المرأة المصرية. وتشركنا السعداوي في حوار بين نوال الإنسانة ونوال الكاتبة التي يختفي عندها الحد الفاصل بين الرجل والمرأة. ويكشف هذا الحوار عن شخصيتين متمايزتين عن بعضهما إلى حد التناقض أحياناً.وهناك ارتباط وثيق بين الكتابة والإبداع الذي تربطه علاقة وثيقة بالحربة والصدق وبالمعرفة، والتي ترتبط بدورها بالوعي والثورة والتمرد.وتشير إلى أهمية الكتابة، والكتابة الأدبية على وجه الخصوص، من خلال ما قالته عن رواية "ذا هيومان ستين" (أو بقعة الإنسان، وفقا لترجمتها للعنوان) التي كتبها الأديب الأمريكي فيليب روث في عام 2000، والتي تعتبرها "من أهم الأعمال الأدبية الكاشفة للقيم العنصرية المتغلغلة داخل المؤسسات الأمريكية قي الطبقات العليا والسفلى ، في القضاء والتعليم والبوليس (الشرطة) والجيش وأعمال الخدمة والجامعات الأكاديمية العليا."ولمست السعداوي هذا الواقع عن قرب عندما عملت أستاذة زائرة تدرس مادة بعنوان "الإبداع والتمرد" في جامعة ميزوري في عام 2007. وأشارت إلى أنه يطلق على ولاية ميزروي، التي شهدت أحداثا عنصرية في عام 2014، "صرة حزام الإنجيل بالولايات المتحدة" حيث تتمركز فيها عناصر قوية سياسياً واقتصادياً من الكتلة المسيحية اليهودية الأصولية الداعمة للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، والتي ينتمي إليها رئيس الجامعة الذي قرر فسخ عقدها مع الجامعة في اليوم التالي لمحاضرة انتقدت فيها سياسة بوش وأعوانه من التيارات اليهودية والمسيحية والإسلامية الأصولية.الاستعمار والقهر والمرأةوتربط السعدواي ربطاً مباشراً بين الاستعمار وقهر المرأة. وتقول "الحكومة الأمريكية بعد المذابح لا تطالب إسرائيل بنزع سلاحها لأن إسرائيل في نظرها تدافع عن حقها في القتل، وإنما تطالب القتلى بأن ينزعوا سلاحهم." وتعلق على ذلك قائلة "منطق القوة الغاشم المزدوج يحكم العالم منذ نشوء النظام العبودي الطبقي الأبوي."وتشير إلى مساهمات الباحثات النسائيات اللاتي "يواصلن تقديم نقد جذري للفكر الرأسمالي منذ منتصف القرن العشرين، يربطن فيه بين الظلم الاقتصادي العنصري الواقع على العمال والأجراء، والظلم الجنسي الاقتصادي الواقع على النساء."وتربط بين تفاقم الظلم وانفجار الأزمات وانفجار الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية التي هزت عروش الرأسمالية في عقر دارها وول ستريت، واشتعال الثورات الشعبية في بلاد متعددة شرقاُ وغرباً، منها الثورة المصرية في يناير كانون الثاني 2011 التي تقول إنها "أسقطت رأس النظام لكنها فشلت في إسقاط النظام ذاته. والحركة الشعبية في نيويورك، التي فشلت أيضاُ في إسقاط النظام."وتخصص الكاتبة صفحات من الكتاب للتعليق على الأحداث السياسية قديماً وحديثاً واستعراض التاريخ السياسي للبلاد وصعود التيارات الإسلامية المتشددة وآخرها تنظيم "داعش"، لتصل للب القضية وتنتقد قيادات الحركة النسائية اللاتي يشكون من أن الحكومات تتجاهل حقوق النساء رغم ما قدمن للثورة من جهد وعرق ودم، وتذكر بأن المقهورين (نساء وفقراء) لا يحررهم إلا أنفسهم.وتشير إلى أن أغلب قيادات الحركة النسائية لم تملك الوعي بضرورة تنظيم النساء وتوحيدهن بل شاركن السلطات المستبدة في تمزيق الحركة وضرب أي تنظيم نسائي شعبي مستقل عن الحكومة.وتشير إلى التناقض بين ما هو مكتوب في الدستور عن المساواة بين المرأة والرجل وبين القانون المدني والديني. وتشير إلى انتشار كلمة ذكر في السوق مع تصاعد الأحزاب السلفية والنعرات الذكورية وامتهان الأنثى. وترى أنه يتم إجهاض الثورات الشعبية فبل أن تمتد إلى القيم والقوانين الظالمة للنساء والفقراء، الذين يتم استغلالهم في الانتخابات.وتقول "لن تتغير علاقة الحاكم بالمحكومين في الدولة ما لم تتغير علاقة الرجل بالمرأة في الأسرة والقانون والثقافة والتعليم. ولن تتحقق الديمقراطية في البرلمان إذا ظلت الدكتاتورية في البيت."وترى أن "العدالة (أو الديمقراطية لا تتحقق إلا بعد أن تصبح الحرية والمساواة أسلوب حياة في البيت والشارع والمدرسة والعمل والترفيه واللعب." فالديمقراطية بالمعنى الصحيح عندها "ليست الانتخابات وإنما العدالة والمساواة بين المواطنين بصرف النظر عن الطبقة أو الجنس أو الدين أو العرق أو لون البشرة." وترى أن هذه الديمقراطية لم تتحقق إلى اليوم في أي بلد من العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة "فالقيم العنصرية الطبقية الأبوية تسود الدولة والمجتمع" الأمريكيين، كما كشفت مظاهرات فرجسون بولاية ميزروي في أغسطس آب 2014 .ولا تنتقد السعدواي النظام الرأسمالي فقط، وإنما امتد نقدها كذلك لكارل ماركس رغم أنه من الرواد الناقدين للرأسمالية ونظامها الاقتصادي الطبقي المستغل. وتقول إن "الاستغلال الاقتصادي والجنسي لعمل النساء ظل غائباًعن الفكر الماركسي حتى منتصف القرن العشرين، حين قدمت الباحثات النسائيات نقداً جذرياُ جديداً للرأسمالية يربط بين الاستغلال الطبقي والجنسي والعنصري في آن واحد. وقدمت نماذج لهؤلاء الباحثات.الثقافة والثورة بين مصر والصين وكردستانوتتخذ السعداوي موقفاً نقدياً من الثقافة والطب في مصر من واقع عملها كطبيبة والذي بدأته كطبيبة امتياز بالقصر العيني بعد تخرجها في كلية الطب عام 1954 والذي لم يدم طويلاً. فبعد أن صدرت ضدها ستة قرارات فصل من وزير الصحة، قدمت استقالتها بعد 13 عاماُ والتي جاءت في سطر واحد قالت فيه "صحة الناس ستتحسن لو ألفيت وزارة الصحة." وتتخذ موقفاً مماثلاً من وزارة الثقافة التي ترى في وجودها "فكرة مدمرة للعقل المبدع.وتقول "لم استمد معرفتي بالحياة والناس من الكتب المدرسية بل من تجاربي في حياتي وقراءاتي خارج المقرر والتاريخ الرسمي." وتشير إلى فساد الحضارة المعاصرة الذي تفضحه في رأيها السياسات الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية. وتقول "لا يغير مسار الحضارة إلا الإنسانة أو الإنسان المبدع الصادق الذي يكتشف الجديد وينزع النقاب عن الفساد."كما تنتقد بشدة نظام التعليم في مصر، في إطار تناولها لقضية العنف والتطرف. وتقول "كان المنهج المدرسي يعلمنا كراهية الأديان والأجناس الأخرى. وتمييز الذكور عن البنات واحتقار الخدم والبوابين وذوي البشرة السوداء."وتضيف "لم أتخلص من هذه القيم العنصرية الطبقية الذكورية إلا بعد القراءة خارج المنهج الدراسي بتشجيع من أبي وأمي." وتشدد على أهمية أن "يبدأ الإبداع في الطفولة بالتفكير خارج المنهج المقرر، بما يحتاج إلى وعي الأم والأب (أو شخصية أخرى) بأهمية تحصيل المعرفة." وتشير إلى أن "الدراسات الأحدث أوضحت أن المعرفة هي المحرك للتاريخ." وأن هذه المعرفة الكلية للظواهر هي الأساس الذي يقوم عليه الإبداع.لكنها لم تكتف بالنقد لكنها راحت تفتش عن حلول في تجارب شعوب أخرى، وخصت في الكتاب التجربة الصينية وتجربة المرأة الكردية على أساس مشاهدات مباشرة من واقع زيارة للصين في سبتمبر أيلول 2014، التي كان سببها طالبة صينية كانت تعد أطروحة دكتوراه عن أعمال السعداوي الأدبية وكانت الرسالة بعنوان "القلم والمشرط". وتقول السعدواي إنها اكتشفت في الزيارة أن ثورة الصين الثقافية الحقيقية ليست تلك التي حدثت في عهد الزعيم الراحل ماو تسي تونج وإنما في ثورة الرابع من مايو أيار 1919 التي أعادت قراءة التراث الصيني ونزع القدسية عن كونفوشيوس وجميع الأباطرة والملوك.وفي كردستان العراق التي زارتها في خريف عام 2014، عاينت عن قرب دور المرأة المقاتلة الكردية في جبل قنديل وجبال شمال العراق ضد "داعش" (تنظيم الدولة الإسلامية) في العراق وفي مدينة كوباني شمال سوريا، وقبل ذلك دورها في قوات البشمركة وكيف عانت المرأة الكردية في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.وتخلص السعداوي من واقع تجربتها في الصين إلى أن هناك صعوبة في "القضاء على العنف أو الإرهاب الديني السياسي طالما أن تربية الأطفال وتعليمهم قائم على التفرقة الجنسية والدينية والعرقية." وتشير إلى أنه بينما "ينص الدستور المصري على حرية العقيدة... يظل التعليم المصري كما كان منذ العصور الماضية يتهم بالكفر كل من يفكر بعقله الحر أو ينقد ثقافة التفرقة الدينية أو الجنسية في المذاهب الراسخة على اختلافها."إن القراء في حاجة للتفكير في التأملات التي قدمتها السعداوي في هذا الكتاب بعقل حر ومنفتح وبصدر يتسع لممارسة للنقد تجاوزت حدوداً لم يألفها القارئ العربي. ومهما تكن الخلافات مع الآراء التي وردت في تأملات الكاتبة، يظل من المهم التعرف على ما قدمته مناضلة مخضرمة مثل نوال السعداوي.

كتابة تعليق

التحقق

كتب ذات صلة

المنتج غير متوفر حاليًا. أدخل عنوان بريدك الإلكتروني أدناه وسوف نقوم بإبلاغك بمجرد توفر المنتج.

 
 

 

 

البريد الالكترونى
رقم الهاتف