إخفاء
  • سلة الشراء فارغة !

    السعر
  • 70.38 SAR

السعر بدون ضريبة : 61.20 SAR
من نحن لنحكم على التّاريخ؟ وما هو التّاريخ أصلا في وقتٍ يبقى فيه البحث حثيثا عن تفاصيل ظاهرة للملأ لا أحد يراها، وكوابيس لا تزال في الخفاء لا أحد يدقّق فيها. عزيزي القارئ، بين يديك الآن مجموعة مقالات لم تُكتب من أجلك، حُرّرت خلال أسفارٍ ماضية، لقارئٍ من زمن غابر، منذ ما يزيد عن القرن وربع القرن، موجّهة بالدّرجة الأولى للباريسي المهتم بالسّياسة الاستعمارية لبلده، بينما هو في ضبابه وشتاءه البارد، تُريده صحيفة "لوغولوا"، ومن خلالها "غي دو موباسان" أن يُكوّن فكرة عن المستعمرة الجديدة القديمة، ألا وهي الجزائر. رغم أنّك أحيانا ستظنّ أن الجدل حاضرٌ ويحدث الآن، بل ومستقبليّ حتّى، فلا تُخطئ أرجوك. ولكي يسهل فهم السّرد في المقالات هذه، على المرء أن يألف بعض المفاهيم السّائدة آنذاك، والمصطلحات التي تشير لعكس ما نعرفه، على سبيل المثال لا الحص، هو وقتٌ تستطيع الصّحف الجزائرية (الفرنسية) أن تكتب عناوينا بالبند العريض عن إبادة الأنديجان صراحةً، أو آراءَ الذين كانوا أكثر رأفة، يريدون دفعه، الأنديجان وعائلته وقبيلته، إلى خارج حدود الأراضي المستعمرة، وتركه ليلقى حتفه عطشا وجوعا. الجزائريّ في هذه المقالات هو المُستعمر الفرنسي الذي وُلد بعد الاحتلال، والأنديجان هو ذاك الذي وُجد خطأً فوق أرض لم تكن له أصلا، فطمس ما سبق من تاريخ، وحتّى التّأكيد على عدم انتماء الأرض الشّاسعة للشّرق والمشرق عامّة، هو شيء طبيعي، بل ويرادُ له أن يُصبح جزءً من التّاريخ الذي لم يُكتب بعد. أراد "دو موباسان" ألّا ينحاز، وأن يصوّر الواقع كما هو، لكنّه يبقى ابن بيئته، ويُفلت من قلمه إراديا أو لا إراديا هفوات تنقل بالضّبط صورة حيّة لعقليات وقتٍ وسياسته، في زمنٍ كان لا يزال مستقبل البلاد في غموض شديد، والخوفُ في فرنسا، وفي باريس تحديدا من ثورات شعبية سائدًا يتجاوزُ القلق ببون ٍكبير، لا سيما ثورة الشّيخ بوعمامة، الشّخصية التي شكّلت هوسا في كتاباته، حيث أنّه ومهما حاول الاقتراب منه جغرافيا، أو تصغيره إنسانيا، ظلّ فصلا غامضا كبيرا في جزائر الثّمانينات من القرن التّاسع عشر. لا أحد يحكم على التّاريخ في هذه السّطور. لا أحد يقرأ التّاريخ أصلا، فالإنسان من النّسيان... أم من التّناسي؟

كتابة تعليق

التحقق

كتب ذات صلة

المنتج غير متوفر حاليًا. أدخل عنوان بريدك الإلكتروني أدناه وسوف نقوم بإبلاغك بمجرد توفر المنتج.

 
 

 

 

البريد الالكترونى
رقم الهاتف