إخفاء
  • سلة الشراء فارغة !

    السعر
  • 50.59 SAR

السعر بدون ضريبة : 43.99 SAR
معظم "الأحداث" تدور خارج تلك الغرفة؛ في لندن وباريس وروما وأثينا، وتبدو أحداثاً عادية إلى حد بعيد، يسردها راو عليم لا يهتم بترابطها بقدر ما يهتم بتداعيها الحر وارتباطها بشخصية يعقوب وأفكاره وكآبته المزمنة. سرد متدفق لكنه مربك للقارئ، ومن ثم للمترجم، بما أنه يصب في أنهار شتى. في الفصل الثالث وتحديداً في الصفحة 70 في هذه الترجمة، يرد أن غرفة "يعقوب آلان فلاندرز"؛ "تحتوي على طاولة مستديرة وكرسيين منخفضين، وثمة أعلام صفراء في برطمان على رف المدفأة، صورة لأمه، بطاقات من جمعيات بأهِلة صغيرة مرتفعة، وشعارات النبالة، والأحرف الأولى؛ مفكرات وغليونات، على الطاولة، وُضعت ورقة مخططة بهامش أحمر – لا بد أنه مقال- "هل يتألف التاريخ من سير العظماء؟" كان هناك ما يكفي من الكتب؛ عدد قليل جداً بالفرنسية، ولكن من ناحية أخرى فأي إنسان يعطي أهمية لشيء ما، يقرأ ما يستهويه فقط، بحسب ما يأخذه مزاجه، بحماسة حمقاء. سِير الدوق ولنجتون، مثلاً، إسبينوزا؛ أعمال ديكنز، ملكة الجنيات، قاموس يوناني ببتلات الخشخاش مضغوطة إلى حرير بين الصفحات، جميع الشعراء الإليزابيثيين. كان خُفُه رثَّا بشكل لا يصدق، مثل القوارب المحترقة على حافة الماء". وفي الفصل الرابع عشر، وهو آخر فصول الرواية وأقلها في عدد الكلمات عودة أخيرة إلى الغرفة ذاتها: "لقد ترك كل شيء كما هو، تعجَّب بونامي. لا شيء مرتب في مكانه. كل رسائله مبعثرة لأي شخص يقرؤها. ماذا كان يتوقع؟ هل اعتقد أنه سيعود؟". وفي الأخير تسأل الأم الثكلى: "ماذا أفعل بهذا يا سيد بونامي؟"... "كانت تقف وهي تمسك بفردتَي حذاء يعقوب القديم".في عام 1922 كتبت فرجينيا وولف (1882- 1941) في مذكراتها: "أريد أن أكتب رواية جديدة"، وكان قد صدر لها روايتان بالفعل؛ "رحلة إلى الخارج" 1915، و"الليل والنهار" 1919. لكن الروايتين – تقول سناء عبدالعزيز- على تميزهما لم تلفتا الانتباه إلى تجربة وولف رائدة الحداثة التي لم تكن قد كُتبت بعد. وتضيف عبدالعزيز: "ولعل اطلاعها في تلك الفترة على ملامح القلق الوجودي لدى مارسيل بروست وجيمس جويس وهنري برجسون، كان بمثابة الدافع وراء هذه العبارة التي دوَّنتها في دفتر يومياتها، ومن ثمَّ جاءت روايتها الثالثة؛ "غرفة يعقوب"، لتحقق تلك النقلة النوعية من حيث اللغة وأسلوب السرد والبناء في كتابة وولف".تُفتتح الرواية على نصف جملة: "هكذا بالطبع"، كتبتها "بيتي فلاندرز"، وهي أرملة شابة وأم لثلاثة أولاد، على شاطئ كونوال في إنجلترا، لشخص اسمه الكابتن "بارفوت" يقطن في سكاربورو، على بعد سبعمئة ميل، تبلغه فيها أنه: "لم يكن هناك حل سوى الرحيل". وتقول عبدالعزيز: "وكما أسلوب وولف الذي اتضح أكثر فأكثر في رواياتها التالية: "السيدة دالواي"، "الأمواج"، و"إلى الفنار"، يتم رصد الشخصيات والأحداث والأماكن بتتبع آثارها فحسب، ويصبح لزاماً على القارئ أن يفطن من خلال الآثار إلى حقيقة الأحداث، وعن طريق تجميع الشذرات والنتف التي توردها بين الحين والآخر، يشكل بنفسه صورة للشخصية عبر مرورها أو تواجدها وسط ركام الأشياء والجمل المبتورة، وظلال المباني والبضائع والمارة، حتى يعقوب، الشخصية الرئيسية لا نكاد نتعرف عليه إلا من خلال ملاحظات الآخرين عنه: "يروقني يعقوب فلاندرز، كتبت كلارا دورانت في دفتر يومياتها: إنه لا يهتم بالمظاهر. شخص غير متكلف، ويمكن للمرء أن يبوح له بما يريد، على الرغم من أنه مخيف بسبب...". أما "جوليا إليوت"، فتصفه بـ "الشاب الصامت". وفي موضع آخر يوصف "يعقوب"، على لسان شخصين عابرين، بأنه أجمل رجل رأياه على الإطلاق. قالا ذلك وهما ينحنيان أمامه. وهناك أيضاً أن يعقوب لم يكن يعرف من اللغة اليونانية أكثر مما ينقذه من التعثر في قراءة مسرحية، ومن التاريخ القديم لم يكن يعرف شيئاً. وهو يحب سماع الموسيقى لكنه لا يجيد العزف على أي آلة موسيقية. كما أنه بحسب إحدى شخصيات الرواية أيضاً، لم يكن أحمق ليصدق الأشياء على إطلاقها، ويؤمن بأن النساء على قدم المساواة مع الرجال. كان حقاً مكتئباً جداً، إلى درجة أن الكآبة لا بد أن تكون قد توطَّنت فيه لتغمره في أي لحظة تشاء. وعلى الرغم من أن يعقوب ظل مكتئباً، فلم يخامره الشك مطلقاً في مدى سحر كونه وحيداً، خارج إنجلترا؛ معتمداً على نفسه، معزولاً عن كل شيء. نعم كان مظهره مميزاً جداً، لكنه صعب المراس. كما أنه لا يجهد نفسه في العمل. وعلى الرغم من ذلك فإن أصدقاءه يحبونه جداً. وعلى لسان السارد كثيراً ما ترد أفكار يمكن أن ننسبها إلى الكاتبة نفسها مثل "هذه هي الطريقة التي نعيش بها، كما يقولون، تسيِّرنا قوة بعيدة المنال. يقولون إن الروائيين لم يمسكوا بها أبداً، فهي تندفع عبر شباكهم وتتركها مِزقاً. إنها، كما يقولون، هي ما نعيش به- تلك القوة بعيدة المنال".             

كتابة تعليق

التحقق

كتب ذات صلة

المنتج غير متوفر حاليًا. أدخل عنوان بريدك الإلكتروني أدناه وسوف نقوم بإبلاغك بمجرد توفر المنتج.

 
 

 

 

البريد الالكترونى
رقم الهاتف